عندما ذهبت فاطمة للمرة الأولي للجامعة انبهرت بذلك المجتمع الجديد عليها تماما , ومع مرور وقت قصيـر عليها عرفت اشياء وأشياء مختلفة تماما عن محيط قريتها الصغيرة , فكانت كل اسبوع ترجع لقريتها محملة بآلاف الحكايات عن الجامعة ...
وبالرغم من ان فاطمة لم تكن من ذلك النوع من الناس الذي يحكم بالمظهر الخارجي علي الناس الا انها وقعت في تلك المصيدة رغما عنها فكانت تصنف الفتيات التي يرتدين الحجاب علي انهن مسلمات واللاتي لا يرتدين الحجاب علي انهن مسيحيات كما هن في قريتها , أو من خلال الاسماء أيضا فهناك من يفرق الديانات من خلال الاسماء مصنفا الاسماء مسيحية ومسلمة , وكم ضحكت علي نفسها كثيرا بعد سنة كاملة في الجامعة فالنظريتان الاثنتان لم تجدي معها نفعا فالاسماء اصبحت لا تفرق بين مسلم او مسيحي وايضا المظهر فهناك مسلمين ومسيحين يرتدين الحجاب او لا يرتدينه واصبحت لا تفكر كثيرا في هذا الموضوع خاصة بعد ما تعرفت علي فتيات من الطرفين...
لكن الموضوع اصبح يشغل تفكيرها هذه الأيام وبقوة , فتلك الفتاة التي جاءت من جامعة اخري في نهاية العام الدراسي كانت غريبة حقا ولا احد يعرف عنها أي شيء لانها ما كانت تتكلم مع احد ,حتي اسمها عرفته بالصدفة عندما سألتها قالت : كاتي اسمي كاتي
لو انها قالت اسمها كاملا لعرفت هل هي مسيحية او مسلمة ولكنها لم تقل ولم تكن راغبة في الكلام
كانت " كاتي " هذه غريبة حقا فهي يوم ترتدي الحجاب ويوم لا ترتدية اتراها تريد ان ترتدي الحجاب ولم تستقر علي رأي بعد ؟ , وكانت لا تتكلم مع احد ابدا ودائما تجلس وحدها , وفاطمة يقتلها الفضول تريد ان تعرف حكاية " كاتي " هذه , وزاد فضولها أكثر عندما جلست بجوارها مرة ووجدتها ترتدي سلسلة ذهبية كتب عليها "لا اله الا الله محمد رسول الله " فتنهدت بارتياح لاشباع فضولها لمعرفة انها مسلمة
ولكن في اليوم التالي كادت فاطمة ان تجن عندما جلست بجوار كاتي وفي التفاتة منها وجدت يدها مرسوم عليها صليبا وترتدي صليبا ذهبيا انيقا ...!!!
وما أن انتهت المحاضرة الا وكانت تمسك بيد كاتي بقوة وعلي وجهها كم هائل من علامات الاستفهام ولم تتركها وهي تقول لها : لن أتركك ....أريد ان أعرف ما هي حكايتك بالضبط ..؟ هل أنت مسلمة أم مسيحية ..؟ أريد أن أفهم ...؟
حاولت كاتي ان تحرر يدها من فاطمة لكنها لم تستطع فقد كانت فاطمة ممسكة بها بقوة
حاولت كاتي ان تقول لها أن هذا ليس من شأنها لكنها كانت ضعيفة , وكانت تحمل الكثير بداخلها وتريد افراغه , تريد التحدث مع احد علها تستريح وتعرف الطريق
قالت فاطمة عندما رأتها صامتة والدموع تملء عينيها: تكلمي لعلي استطيع مساعدتك
كانت نظرات كاتي حائرة : لا اعتقد ان هناك من يستطيع أن يساعدني
فاطمة : بل هناك , صدقيني تكلمي فقط وسنجد طريقة صدقيني
كاتي : لا اعتقد ان هناك حل
فاطمة : تقربي الي الله وصلي كثيرا
كاتي : اتقرب الي الله واصلي كثيرا بأي صفة ..؟ صفتي مسلمة أم مسيحية ...؟
فاطمة : سواء مسلمة أو مسيحية فبإمكانك التقرب الي الله بأي صفة منهما
كاتي : وإذا ما كنت لا أعرف ...؟
قالت فاطمة باستغراب : لا تعرفين ماذا ...؟
كاتي : لا أعرف هل أنا مسلمة أم مسيحية
للحظات لم تستوعب فاطمة تلك الكلمات لكنها قالت تتشبث بالكلمات : لكني رأيتك ترتدين سلسلة عليها الشهادة ...!
كاتي وهي تمسك بالصليب المتدلي من عنقها : وأرتدي الصليب أيضا........
وتركتها وخرجت من المدرج تتخبط في حيرتها .....
لكن فاطمة التي كان فضولها يقتلها مع حيرتها جرت ورائها لمحاولة معرفة المزيد , ولحقت بها بحديقة الجامعة وجلست بجوارها ولكنها لم تتحدث تركتها حتي تتحدث هي من تلقاء نفسها
وبدأت كاتي كلامها بسؤال وجهته الي فاطمة : أنت مسلمة , هل أخترت أنت هذا ..؟
فاطمة مستغربة : أنا والدي مسلمين فطبيعي أن أكون مسلمة
كاتي : ليتني كنت مثلك ولدت لوالدين مسلمين أو مسيحيين كنت عرفت هويتي , لكني ولدت لأب مسيحي أعتنق الاسلام من أجل أن يتزوج والدتي المسلمة , وبعد عشر سنوات من إنجابي قرر والدي أن يعود مرة أخري لديانته ...!؟
وبدون خوض في أي تفاصيل, أريدك أن تتخيلي ثورة أمي وإصرار أبي علي رأيه ومحاولة كل منهم ليضمني في صفه غير مهتمين بي وبمشاعري وتخبطي بينهم ,سنوات وأنا أعاني ولا أجد حل......
لا أعرف هل انضم لأمي أم لأبي ...؟ فأنا أحبهم ولكني لا أسطتيع أن أبقي مع أحدهم دون الأخر ولا أريد تفرقتهم أكثر من هذا , لم أجد غير أن أبقي مع كلا منهم يوم , يوم فيه أنا مسلمة وآخر أكون فيه مسيحية , أصبحت لا أعرف من أنا وعلي أي دين أنا ...؟ أسأل نفسي أحيانا هل هذا عقاب من الله ..؟ وأي ذنب أقترفته يا تري ...؟ أم أنه عقاب لوالدي ؟ وأنا أدفع الثمن , ولكن لماذا أدفع أنا الثمن ؟ لماذا .....؟
تساءلت فاطمة : اليس لك اخوة ...؟
كاتي : كلا , وان كنت اتمني لعل لو كان لي اخوة كنا ساعدنا بعضنا لإختيار الطريق....
تساءلت فاطمة مرة اخري : والاقارب ...؟
وهزت كاتي رأسها قائلة بضعف : ولا اقارب , بعض اصدقاء لأبي وأمي ,وايضا كل منهم منحاز إما لأبي أو لأمي بل ويحاولون التأثير علي لأختار ....., تخيلي انني عشت في بيت لا يتحدث من فيه لبعضهم البعض بعدما كان يملؤه الضحك والفرح والهدوء , أمي قالت ان ابي مرتد عن الاسلام لهذا لابد ان يطلقها لانه في نظرها كافر ..! وأبي يقول انه رجع الي دينه لأنه لم يستطع ان يستمر في الاسلام لآنه دين معقد ومن وجهه نظره ان الله واحد ولنا ان نعبده كيفما نريد وبأي دين نشاء...
قالت فاطمة متعجبة : ولكنك عشت سنوات كفتاه مسلمة وولدت لأبوين مسلمين وقتها علي الاقل فطبيعي ان تكوني مسلمة الآن ....!
تنهدت كاتي وقالت :عشت عشر سنوات مسلمة ووقتها كنت طفلة , انت تعرفين اننا نأخذ وقتا حتي نتشرب الدين ونلتزم به سواء مسيحين او مسلمين , لكنني وقتها كنت طفلة وتمزقت بين اب وام كلا منهم متمسك بدينه ومتمسك بي ايضا , وقد رفعت امي قضية ليكون لها حق حضانتي خاصة بعد رجوع ابي لديانته السابقة وايضا لتطليقها منه , ورفع ابي قضية مماثلة ليطالب بحق حضانتي .....
وقالت فاطمة بسرعة : وماذا كانت النتيجة ...؟
زفرت كاتي بضيق : لا شيء ....لا شيء ..., مازالت القضية منظورة بالمحكمة منذ سنوات ...
قالت فاطمة وقد غلبها فضولها : وماذا فعلت انت ...؟
أغمضت كاتي عينيها بألم وزفرت مرة اخري : حاولت مع ابي ان يعود , ومع امي ان تتسامح , ولكن كان كل منهم قد اصم اذنيه عن سماع الآخر , وحتي عن سماع صرخاتي , كنت أريد ان اعيش مثل باقي الناس بين اب وام مسلمين او مسيحين , فقط اريد ان تكون لي هوية , فقد كنت ممزقة بينهم لسنوات ....
قاطعتها فاطمة: ولكنك عشت للآن .....!؟
كاتي : نعم ...عشت بعدما قررت ان اعيش ممزقة بلا هوية ....يوم مسلمة ويوم مسيحية ....
رددت فاطمة مرة اخري: لكنك عشت واخترت وكنت صاحبة الاختيار والقرار
التفتت إليها كاتي بعينين تملأهما الحيرة والحزن قائلة : عندما نولد لا يمكننا الاختيار , لا يمكننا اختيار والدينا , او اخوتنا أو ديننا لاننا نولد بهم , لكننا بكل تأكيد ندفع الثمن , ندفع ثمن أخطاء لم نرتكبها ....
كانت فاطمة تستمع لها وهي في حالة صدمة , صحيح كانت تقرأ عن حالات مشابهة في الجرائد والمشكلات التي كانت تحدث للأبناء من جراء تغير الديانة لأحد والديهم , ولكنها لم تصادف قصة واحدة ابدا علي الطبيعة , ولكن ها هي قصة حقيقية وأمامها وتريد المساعدة ولكن كيف ....؟
تسائلت بينها وبين نفسها لماذا يكون هناك دائما من يدفع الثمن ويدفعه غاليا جدا
ومدت فاطمة يدها تحتضن يد كاتي ونظرت أليها تحاول بث الطمأنينة والأمل لديها قائلة : سنجد حل ...صدقيني سنجده
ولكنها بينها وبين نفسها كانت تعرف أن هذا صعب ....صعب جدا
رحاب صالح
بجد يارحاب براااافو عليك ِ ...
ردحذفالقصه أبهرتني في سردها وخاصة فكرتها ومضمونها ...
بجد إنتي لما قولتيلي إن الحكايه مالهاش حل .. فعلا دلوقتي فهمت وعرفت ليش ...
إحنا فعلا بنولد محطوطين في الأمر الواقع ياإما مسلمين أو مسيحيين أو بديانه تانيه ... مالناش الخيار في ده .. بس الحمدلله على نعمة الإسلام إللي إحنا فيها ..
بس الدور والباقي على إللي بيولدوا بديانات تانيه .. بقعد أفكر هما ياترى ليهم ذنب ..؟
بس عارفه .. " كاتي " بما إنها عارفه الديانتين .. فضروري تأخذ خلوه مع نفسها من دون التأثير من أحد ..
وتفكر كويس هي مرتاحه اكتر كمسلمه أو مسيحيه بغض النظر عن رأي والديها .. لأن في النهايه دي حياتها ومافي حد راح ينفعها ...
بجد يارحاب القصه حلوووه كتير من كل النواحي
وراح أكلمك بكره عشان أتناقش معاكي أكتر ..
تسلمي حبيبتي
... ;) ,,, ;) ...
غادة
ردحذفبجد مش عارفة
يمكن هما في قصر الثقافة اشادوا بيها وبفكرتها لكني مش عارفة برضة حاسة اني قصرت في شيء , كمان عجبتهم في البيت خاصة احمد اخويا وشيرين , بس برضه احمد اعطاني نقد فظيع فيها هي وباقي قصصي
هكلمك عشان اعرف رأيك اكتر وبجد من غير مجاملة
وحشاااااااااني
هو صحيح الانسان يولد على الفطرة وابواه يهودانه او ينصرانه لكن في حالة كاتي ماكان كان وهي الان فتاة جامعية اي واعية ومدركة هي من عليها ان تقرر وتختار هي من عليها ان تدرس الديانتين بعيدا عن اي عاطفة وبعيدا عن أي تجاذبات عائلية عليها ان تستفتي قلبها وتتبع ما ترتاح اليه بدل تمزقها الحالي بين ديانتين
ردحذفتحياتي وودي
رحاب
ردحذفالقصة رائعه و اسلوبك شيق و تناولتى الموضوع بشكل درامى متصاعد جيجعل القارىء شغوف بالمتابعة
اعتقد ان الفتاة مكبرة الموضوع زيادة عن اللزوم فالقضية ابسط كثيرا من ذلك لان الصلاة و الصوم و مساعدة المحتاج و الايمان بالله و الحج كلها راكان اساسية و مشتركة بين الدينين و ان اختلفت التفاصيل و هى مادمت فى سن الجامعه فالمفترض انها تستطيع القراءه و البحث
فلتمارس الصلاة و الصوم و كل الاركان حسب ما يرتاح قلبها و يقتنع عقلها و فى الاخر كله من عند الله و الى الله
تحياتى لعقلك
خواطر شابة
ردحذففي يوم لقاء المدونين لقيتهم كتير عارفينك وبيحبوكي جدا
اما بالنسبة للقصة فأنا كتبتها من واقع قضية بنعيشها ومحبتش اقول رأي صريح عشام مكونش منحازة وان كان كلامك صحيح مية المية تحياتي وقبلاتي
تيرز
ردحذفسألت عنك يوم اللقاء ولقيت مفيش حد يعرف عنك حاجة برغم معرفتهم بمدونتك بجد نفسنا نتعرف بيكي
ميرسي علي رأيك وانا بحاول احسن اسلوبي شوية والكلية بتفيدني جدا الافكار خصوصا ان احب اكتب علي حزء من الحقيقة , انا حبيت الفت النظر للتشتت اللي بنعيش فيه والظلم اللي بقع علي الاولاد من خلال المشكلةدي
دمت بحب
سلام عليكم
ردحذفازيك يا رحاب
اظن دي اول زيارة وان شاء الله ماتكونش الاخيرة وافضل اجي هنا على طول
بالنسبة للقصه اظنها تقرير حالة اكثر منها قصه قصيرة
واظن بردو الامر محلول هي في الاوراق الرسمية لسة مسلمة كمان هي نفسيتها للاسلام اقرب بحكم انها طول عمرها عايشة في بيت مسلم
بس اظن للقصة بعد اخر انت حابة تقوليه ان الانسان المفروض يختر مصيره نفسه بعيدا عن القيود التى ممكن ان تقيده كمان اظن فيها دعوه ان يفكر كل منا في وضعه ويحاول تغيير الاشياء التى لا تعجبه في حياته
نص جميل استمتعت به وفي انتظار قصص اجمل واحلى
لك كل التحية والود
السلام عليكم
ردحذفبوست رائع متميز
القصة جميلة و أركانها تقريبا مكتملة
و من رأيى المتواضع تستحق النشر
سلمت يداك
دمتى بخير
مصطفي
ردحذفشكرا لزيارتك ومنورني والله
سعيدة جدا بتشريفك وطبعا يهمني رأيك حتي لو معجبنيش , وكل واحد فينا بيكتب عشان يطلع فكرة من جواه او مشكلة وكل واحد فينا بيقراها وبتوصله فكرة معينه والمهم ف الاخر اتننا نستفيد , سعيدة بزيارتك ويارب تتكرر
الشاعر الفنان احمد فؤاد فتحي
ردحذفصباح الورد
والله كنت علي بالي وقلت اني هدخل اشوف اية الجديد عندك
ميرسي علي رأيك وتشريفك هنا عندي وومتقطعش الزيارة
انا بالنسبة ليا
ردحذفالقصة عجبتني اووي
ما عدا نقطة...ان الحل صعب جدا
انا شايفة الحل...سهل جدا جدا
بما انها بين ديانتين...تقدر و بكل بساطة تسأل شيخ او اي حد متخصص بكل ديانة و وقتها تقدر تحكم و بكل بساااااطة
وحيكون اسلامها ... وقتها حقيقي...و خالي من الشوائب...و احسن من اسلام كتير ناس انولدو واسمهم اسلام و فعلهم.....نو كومنت!!
تقبلي مروري :)
قطرة وفا
ردحذفاهلا بيك ,والحمد لله ان القصة عجبتك وكمان اووي
بالنسبة للحل انا محايدة جدا
انا بس حبيت اتعرض لمشكلة اصبحت منتشرة جدا وللاسف بشكل غريب واللي بيروح فيها الاولاد للاسف