الاثنين، 9 يوليو 2012

الموت ............لأول مرة


حملة التدوين اليومي هنا ....

كنت اري الحياة بذلك المنظار الوردي ...
فأري الأشياء غير الأشياء ..
أو كما أبغيها ...
فلم اري حقيقة الأشياء..............
( 1 )

 الفتاة الصغيرة لا يتعدي عمرها الخمس سنوات
ولا تخرج كثيرا للشارع ...
لهذا عندما كانت تقف وتنظر من بين القضبان الحديدة لبوابة الحديقة كانت تري أن الحياة بالخارج حلم جميل
حلم لن تسطيع تحقيقه الا عندما تكبر عام اخر لتستطيع  الذهاب للمدرسة ....
حلم ان تري العالم الخارجي
وفي وقفتها طوال اليوم تراه...
تري ذلك الشاب ...اهو كان شاب أم صبي ...أم انه كان في بداية الشباب...
ام كان بداية حياة .....ام نهايتها...
تراه كل يوم
كان غريب...
أبيض لون  البشرة بشكل غريب لم يكن لون منتشر بين اقرانه من ابناء القرية
لون شعره أصفر ذهبي  ...لامع اللون جدا
وكل يوم تراه عندما ياتي من المدرسة مع زملائه
تعودت هذا منذ عام...
العام الماضي كانت تقف في نفس الموعد كل يوم طوال ايام الدراسة....
وحتي ايام الصيف 
في هذا العام وقفت تنتظره ....
يوم
اثنان
ثلاثة
اسبوع...
شهر....؟!!!!
غريب هذا كيف يتأخر عن مدرسته... وهو معروف بالتزامه الدراسي....؟!!!
هل هو مسافر...؟
هل هو يذهب من طريق أخر...؟
هل....؟
هل...؟
وبرغم التساؤلات لم تمل الانتظار....
وفي يوم لم يكن هو الذي تتمناه....
وجدته اتيا من بعيد......مع زملاؤه
لم يكن يتقافز ولا يتضاحك كما كان يفعل دوما
بل كان صامتا علي غير عادته
يمشي بخطوات متثاقلة
وعندما اقترب
وجدته شاحبا جدا
يرتدي  " ايس كاب " علي رأسة برغم ان الصيف مازال قائما لم يودع العام بعد  ولم يسلم بأيامه الباقية للخريف القادم بعد ايام
كانت الصغيرة مندهشة
وزاد اندهاشها يوما بعد يوم للتغير الذي حدث للفتي الذهبي الشعر البشوش الضاحك الوجه
الذي تحول واصبح العكس حزينا منطويا...
وفي وقفتها تنتظره في أحد الأيام  وجدت بعض من زملاؤه يقفون قريبا من باب حديقتهم  يتهامسون ويشيرون إليه وهو قادم مع زميل له   , واحست انهم يضمرون شيئا ضد فتاها ....؟
ماذا يا تري ....؟
ولم يطل انتظارها  فبعد لحظات كان فتاها وصديقه  قد وصلا الي زملائهم  بالفعل و الذين لم يضيعوا وقتا   وطفقوا يلقون بكلمات السخرية من فتاها ومن غطاء رأسه الذي يشبهه بالفتيات  ويصفونه بكلمات جارحة
ووقف فتاها  لا ينطق بشيء وان كان وجهه يعبر عما بداخله من حزن والم
وصديقه يحاول أن يزود عنه بكلمات حازمة ضد زملائهم
الا ان شقي منهم أخذ يدور حول فتاها ويحاول أن ياخذ عنه " الايس كاب " وفتاها يحاول الابتعاد بدون الاشتباك به  وهو يضع يده علي الــ " أيس كاب " حتي لا تنزلق عن رأسه
الي ان تمكن منه وخلعها عنه.......و.............
كانت المفاجأة.....
لا يوجد شعر ....لايوجد شعر ذهبي لامع......
فقط بضع شعيرات هنا وهناك قد فقدت لونها الذهبي اللامع الصحي .....
الجمت المفاجأة الزملاء .....
وسقط فتاها علي الارض وهو يحاول أن لا ينظر لأحد منهم
وأما زميله فقال وهو في قمة غضبه  وحزنه " هل استرحتم الآن .....ولكن لا تفرحوا بفعلتكم  انتم شياطين ....لانكم سخرتم من زميلكم...وليس هذا فقط...انه مريض لهذا سقط شعر رأسه..."
تسائلت الصغيرة بصمت جزع  وهي تنظر لفتاها المعذب الواقع علي الارض...." اي مرض هذا "
ولكن سؤالها لم  يغادر  شفاهها
ولم  تعرف ....اي مرض
لكن بعد ايام عرفت أن فتاها.......مات........
وعرفت وقتها كلمة ....سرطان....
وكان هذا أول لقاء لها بالموت
* * * * * *


جلست  أمام السرير الذي يرقد فيه  زوجها النائم  وأخذت تحدثه رغم انها تعرف جيدا أنه لن يسمعها
" هل تعرف يا عزيزي انني عندما رأيتك لأول مرة أحسست أنني رأيتك من قبل .....وكنت اتسائل أين ولم اصل لشيء ....
حتي عندما كنت اعصر ذاكرتي كنت لا أصل لشيء
الي ان جاء يوم وحلمت  بتلك القصة التي حدثت في طفولتي  وحاولت أن أصل لبطل قصتي هذه ...ولكن يا للغرابة إن ابي وأمي واخوتي جميعا ينكرون ان كان هناك فتي ذهبي الشعر أو حتي أننا كان لنا بيت له حديقة بل كان بيت بالدور الثالث 
ولكن عندما تزوجنا  وأصبت أنت بالسرطان  واخذت العلاج الكميائي  وتساقطت خصلات شعرك الذهبية  أصبحت أحلم كل يوم بنفس الاحداث  التي حكيتها لك من قبل وحكيتها لأهلي
هل تعتقد يا عزيزي انه كان مجرد حلم طفولي...؟
ولكن منذ متي يحلم الاطفال بهذه الاشياء فالأطفال يحلمون بمصنع اللعب او الشيكولا لا يحلمون بالسرطان ...
هل تعتقد أنه كان رؤية...





هناك 8 تعليقات:

  1. ياااااه ايه كمية الالم والوجع ده
    رائعة بحجم الآلم

    ردحذف
  2. صباح الغاردينيا رحاب
    أذهلتني القصة وإبداعك في نسجها وربطك بين حلم الطفولة وواقعها مع زوجها والسرطان الذي سرق ذلك الشاب ويحوم حول زوجها المريض به "
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    Reemaas

    ردحذف
  3. رؤيا تعكس مستقبا من الألم ستحياه
    الحياة دوما لا تحمل بين طياتها السعادة بل تحمل في جنباتها الموت
    تحياتي لكِ
    قصة جميلة

    ردحذف
  4. الللللللللللللللللللللللللللله متعبة اوووووووووووووووووووى بس حلوة اووووووووووووى هو انتم له كل يوم الصبح تعيطونى والله حرام عليكم بئا

    بس تسلم ايدك والله يارحاب جميلة جميلة

    ردحذف
  5. القصه جميله اوى يا رحاب
    بجد لمست قلبى

    ردحذف
  6. مازلتي يا رحاب تعيشين مرحلة التألق
    اخذتني كلماتك بعيدا
    حيث صفاء النفس لبعض الاشخاص
    تجلعلهم يرون مستقبلهم قبل حدوثه
    انه ضرب من الخيال لكنه موجود
    لاشخاص دون غيرهم
    فقط عندما تصفو مشاعرنا
    تحياتي لكلماتك الجميلة
    ورفقا بينا فنحن لا نقدر علي مجاراتك
    هههههههههه

    ردحذف
  7. ياااااااااااااه يا رحاب

    رووووووعة بجد

    مش عارف أقولك اد إيه عجبتني بجد من أول الفكرة لحد طريقتك في السرد لحد إحساسك .. كله كله بجد تحفة

    تسلم إيدك

    ردحذف
  8. السلام عليكم
    مؤلمة جدا ومؤثرة

    دائما تقفين عند القصص ذات المشاعر والاحاسيس يارحاب
    اتدرين ان لو ذهبتى الى مستشفيات الاورام زائرة سوف تعلمين اشياء كثيرة وستتبدل نظرتك للحياة وتدركى ان الله من علينا بخير كثير لكن الانسان هو من يجحد حق الله عليه

    نسأل الله تعالى العافية والسلامة فى ارواحنا وابداننا وعقولنا

    وتحياتى لك غاليتى بحجم السماء

    ردحذف

يا بخت من يقدر يقول واللي ف ضميره يطلعه, يا بخت من يقدر يفضفض بالكلام وكل واحد يسمعه....الله يرحمك يا صلاح جاهين